رحلتي الى العين والشارقة – الجزء الأول
: 09-10-2019 12:55 مساءً |
التعليقات المعتمدة : 0 تعليقات |
: 613 مشاهدة
جاءت إجازة الربيع، وحان وقت السفر، الوجهة المميزة كانت، بهذا الترتيب، سنسافر من الرياض إلى الشارقة، ثم بالسيارة من الشارقة إلى العين، الشارقة زرتها مرة، عابراً بالمطار إلى دبي. هذه المرة كانت هي المقصد، هذه الإمارة الراقية، عائلية بامتياز، مرتبة وآمنة ونظيفة بامتياز، اخترت السكن في وسطها الحديث تقريباً، هنالك بحيرتان تمتدان من الخليج العربي، بحيرة خالد والمجاز وتحيط بهما الحدائق من كل اتجاه، الفنادق تطل على البحيرة، وعلى قناة جميلة جداً تدعى القصباء. الهدف الأساس من زيارة الإمارات هذه المرة هو زيارة حديقة الحيوان الرهيبة بمدينة العين، والخطة كالتالي، سنسافر عبر الطائرة إلى الشارقة، بالتحديد عبر طيران العربية، أول طيران اقتصادي في المنطقة، ويتخذ من الشارقة مقراً له. ثم بعد الوصول سنمكث يومين ثم ننطلق بسارة مستأجرة إلى العين عبر الطريق البري الذي يستغرق ساعة، ثم العودة بعد ثلاث ليالٍ في العين إلى الشارقة استعداداً للعودة للرياض، ترتيب ممتاز! وتجارب مميزة لطيفة.
عندما حان يوم السفر، انطلقنا إلى الصالة رقم 1 ومضت الأمور بسلاسة، مكثنا هذه المرة في الردهة الخاصة، حيث تمكنت من الدخول بفضل عضوية امتلكتها، كان المكان مرتباً جداً، هنا غرفة لعب الأطفال، هنا الطعام اللذيذ، برياني دجاج ومكرونة وسلطة وكل خير، الجانب الآخر قهوة عربية وسائر المشروبات. مضى الوقت سريعاً، جاء النداء، انطلقنا إلى البوابة، ركبت الطائرة، أوه الشنطة الحمراء الصغيرة! نسينها في الردهة! بدا اضطرابي مربكاً لأفراد الطاقم ومعذورون وأنا معذور، ما تعرضت لهذا من قبل، انطلق أحدهم إلى الردهة يبحث وشدد ألا أخرج، ترتيبات أمنية أعرف، بدوت بعد قليل مرتاحاً، خشيت ألا يجدها، ليس فيها ثمين إلا جهاز الآيباد، البشرى أن جاء بها، فعدت مرتاحاً. الرحلة طريفة لطيفة، ساعتان إلا، مطار الشارقة مناسب ومرتب ونظيف، التقطنا كل شيء وانطلقنا، بسرعة وصلنا إلى الفندق المطل على بحيرة خالد، مكان مرتب جداً ونافذة جدارية رائعة تطل على كل شيء من الدور الخامس عشر. أجواء الاحتفال بالكرسماس في كل مكان، عزف هنا، شجرة هناك، صخب أيضا، كان أظرف الأشياء وصولنا مساءً هناك إلى الغرفة، وبعد انهاك السفر ووجبة العشاء الدافئة في الجو الرطب البارد، اقتربت الساعة من الثانية عشرة ليلاً، حان وقت الألعاب النارية! كان مذهلاً جداً تزامن الوصول والإجارة بهذا الاستقبال الرائع، بلدة طيبة ورب غفور، والحمدلله، استمتعنا بألعاب نارية مجانية لمدة 15 دقيقة! كانت مدهشة للأبد، أطفئت الإضاءات في كل مكان وانتشر في الأجواء صوت المفرقات وإبهارها الرهيب، حان الآن وقت العناق، عانقت الوسادة على أمل يوم لطيف جديد. اخترت فندق هلتون الشارقة بالمناسبة وأنا أعتمده للغاية، بالقرب من كورنيش الشارقة بل هو عنده، وقريب من قناة القصباء بمحلاتها وترتيباتها الجميلة وعين الإمارات الملفتة، والقوارب والمطاعم، لن تحتاج لسيارة هنا، وستقضي الوقت بالمشي الممتع. أعجبني بالكورنيش وتحديداً في حديقة المجاز أو واجهة المجاز المائية مطعم زهر الليمون، وكذا المطعم المغربي الذي نسيت اسمه، كذلك استمتعت بالكرنفال المقام هناك لبيع المنتجات المنزلية، ومحل بيع رمز مدينة الشارقة وهو اليربوع، يعجبني تروجهم للمدن بهذه الطريقة. أعجبني كذلك المشي طوال المكان والتنقل بالسيارة الكهربائي، ومنظر الغروب هناك والازحام المحبب لعائلات ترى في وجوههم الرضا والطمأنينة، المساجد في كل مكان، والألعاب عالية الجودة، ألعاب حركية في كل اتجاه! حقاً إمارة الشارقة إمارة راقية.
كنت أتناول الافطار يومياً خارج الفندق، فرصة للتغير والحركة، تناولته في مطعم لبناني اسمه زاروب وتعني الزقاق أظن؟ لطيف ومميز بديكوراته البوبكلتشرية، تناولت مرة معجنت وقهوة خفيفة من تيم هورتن، دونت مجدول لذيذ! وكنت أمشي مسافات طوال وأقضي الوقت في تأمل السماء والغروب والقمر المستدير والناس وأتلذذ بدفء اللقيمات والشاي والكرك والقهوة في مطعم الفنر الذي افتتح للتو قبل عشرة أيام فقط.
بعد ليلتين، حزمت أمري في التوجه إلى العين، استأجرت سيارة عبر الكونسيرج في الفندق، كامري 2016 أظن، بيضاء مريحة مرتبة، وانطلقت في ذلك اليوم إلى متحف الشارقة للفنون، وكنت متشوقاً لاختيار أميز المتاحف قبل أن تنتهي الرحلة، لذا فقررت زيارة وسط الشارقة القديم ومحلاتها التراثية والمتحف تحديداً هناك، ومعي السيارة وحزمت كل شيء، حقائبي وأغراضي وانطلقت أولاً إلى هناك، قرب ميناء خالد، وهو غالباً خالد القاسمي الأخ الأكبر والأمير الراحل للشارقة. صادفني معرض لفنان إماراتي مدهش اسمه حسن شرف، استمتعت بالتجول في الأجنحة المختلفة التي اعتنى بعرضها أقرباءه بدعم من مؤسسة الشارقة للفنون، كانت رحلة فنية مثرية جداً، الفنان حسن رحمه الله كان يصنع أعمالاً تصنف ضمن الفن الحديث، وكم هو مبهر استخدامه لأشياءنا اليومية وصنع شيء جميل منها بيديه! كانت متعة بصرية وروحية ونفسية كبيرة، خلاف التعب والمشي والملل الذي قد يصيب البعض إلا أنها كانت فرصة ذهبية. صحيح أن الشارقة القديمة تشبه جداً المباركية بالكويت، والديرة بالرياض وكذا البستكية بدبي وحتى أبوظبي القديمة لا تختلف أبداً عنها، لكنها فرصة للتعرف على سكيك وأماكن عاش فيها أهل الشارقة من قبل، بعد معرض حسن شريف مشينا إلى متحف الشارقة للفنون، متحف عريق ومجدد مرات، وبناءه ضخم، يقع بالقرب منه مسجد عتيق جداً على هيأته الأولى، صلينا في فناءه العصر والظهر، ثم دخلنا المتحف، تصحبنا ابتسامة حارس الأمن وتودده الكريم، وكذا لطافة الشابات الإماراتيات هناك. صادفني أيضا هناك معرض يقام على عهامش أيام الشارقة للفنون الإسلامية، أعمال حديثة عرضت في رواق طويل نفذت باحترافية مدهشة للغاية. استمتعت بالمقارنة فيما بينها والتمتع بالمعنى الذي توحي، فضلا عن الإلهام الذي غزا عقلي ولا ينفك وأنا أحاول فهم الفكرة تلك أو الملمح ذاك. كانت رحلة رائعة، ومن بركاتها وجود خصومات على متجر الهداياً فاقتنيت ما يسلو به الخاطر من ذكريات من هذا المكان الممتع المميز.
حان الوقت الآن أن ننطلق إلى درب لا أعرفه، طريق دبي العين، ودبي لا يفصلها الشارقة إلا جسر النهدة وعشرون دقيقة، فلا بد من عبور دبي إذا أردت الوصول للعين، ربما هنالك طريق آخر لكني اعتمدت على جوجل، وما عانيت، انطلقنا قبل أن يحط المساء، وتمتعنا بالغروب وهو يرافقنا طوال الطريق، الطريق رائع وممتع ومرتب، ومليء بالسيارات، الكلمات العذبة تملأ جو السيارة، تلونا الأذكار قبل ذلك، ضحكنا، ناموا، أكلنا، شربت قهوة عربية، أكلت تمراً معجوناً بالحبة السوداء والرهش والسمسم، وصلت الشمس إلى مستقرها الليلي، فوصلنا إلى وجهتنا، منتجع دانات في أقصى حدود مدينة العين، بالضبط على الحدود قرب سلطنة عمان، حيث تقع منطقة البريمي الشهيرة. بلغ التعب منا مبلغاً، بتعشينا ونمنا على أمل ترتيب الأيام الثلاث التالية لقضاءها في العين.
كتب بواسطة علي الرمادي