من أهم إيجابيات ثورات الربيع العربي أنها دفعت بالكثير من القراء إلى دخول عالم السياسة، لفهم ما يحدث وما يدور حولهم، لكن مازال هناك من يقف حائراً لا يعلم من أين البداية. هنا أضع بين أيديكم كتباً هامة لا غنى عنها لفهم العالم السياسي بمختلف جوانبه
على المرء أن يكون ثعلباً ليعي الفخاخ المنصوبة له، وأن يكون أسداً ليرهب الذئاب
أحد أشهر الكتب وأكثرها تأثيراً في البشرية على مدار التاريخ، ومن أكثر الكتب السياسية -تحديداً- دهاءً وحنكة. ألفه الفيلسوف والسياسي نيكولو مكيافيلي بهدف مساعدة “لورنزو دي ميديتشي” على الوصول إلى الحكم والاحتفاظ به، وكيفية تسيير وإدارة شؤون الحكم، فأضحى مرجعاً لمئات الحكام منذ أن تم تأليفه عام 1513، وحتى لحظتنا هذه.
قد تندهش لمدى تطابق الواقع بما يحويه الكتاب، وكأن ميكافيللي قرأ المستقبل قبل كتابته، لكن كل ما في الأمر أنه فهم النفس البشرية إلى أبعد حد، وأدرك أن العالم يغلب عليه الشر، فرسخ أفكاره على هذا المبدأ، حيث يضم الكتاب آلاف الأفكار والحكم والوصايا التي يصفها البعض بالمدمرة، في صفحات لا تتجاوز المئة.
كتاب مركز وعميق وبرأيي لا غنى عن قراءته، وليس حكراً فقط على السياسين والحكام أو من يعمل في مجال السياسة إطلاقًا؛ فهو يعلمك أيضاً كيف تتعامل مع الآخر بدهاء وذكاء منقطع النظير. صحيح أن أفكار الكتاب تقوم على أساس أن العالم كله شر، إلا أنه مفيد في مواجهة تلك القلة من الأشرار حولك، حتماً هناك من يستحق أن يعامل بما أتى به ميكافيللي في كتابه.
باختصار يدور الكتاب حول كيفية الوصول للحكم والاحتفاظ به حتى آخر شهقة نفس، بوسائل وأساليب تنافي الأخلاق والمثاليات تماماً، لكن يبرر ميكافييلي مبادئه هذه بجملة واحدة قد تختصر عليك الكثير من الأسئلة، حيث يقول في مقدمة كتابه ما معناه، أنه لولا أن العالم مليء بالشرور وأن البشر في حقيقتهم مسوخ مروجين للشر، لما كان كتب ما كتبه من وصايا ودعاوٍ لسحق الآخر، فالحقيقة أن البشر يدعون أنهم عازفين عن الشر، لكن الحقيقة غير ذلك.
ومن الجدير بالذكر أنه لم يتم نشر الكتاب إلا بعد وفاة مكيافيلي بخمس سنين، ومنذ اللحظة الأولى هوجم ميكافيللي واتصف كتابه بمنهج شيطاني بحت لما يحويه من وصايا تنافي الأخلاق والدين، فرفضته الكنيسة وقامت روما بحرق جميع نسخ الكتاب وأعلنته كتاباً ممنوعًا عام 1559، وبمرور الوقت مع بدء عصر النهضة في أوروبا، بدأ العديد من الكتاب والأدباء في الدفاع عنه، أبرزهم جان جاك روسو، ومنذ تلك اللحظة بدأت الناس تقبل على قراءة الكتاب والتهامه كما لم تقرأ من قبل.
أشياء لن تسمع بها أبداً – نعوم تشومسكي
في هذا الكتاب يكشف لنا نعوم تشومسكي وجه السياسة الأوحل، وكيف أنه لا مكان للصدفة في عالم السياسة، فلا يحدث شيء بشكل اعتباطي، مهما بدا كذلك إلا أن ثمة أيادٍ خفية تحرك الواقع كما يحلو لها.
باختصار يوضح لنا تشومسكي ألاعيب وممارسات السياسيين وكيفية تزييفهم للحقيقية بدهاء بالغ، لكن السياسيين الذي يتحدث عنهم تشومسكي هنا، هم السياسيون الأمريكيون بشكل خاص، حيث يتحدث عن سياسة أمريكا الداخلية والخارجية، ودوافعها ويقارن بين أهدافها الظاهرة وأهدافها الباطنة الحقيقية.
يناقش تشومسكي أيضاً في كتابه هذا قضايا كثيرة ومتنوعة، أبرزها: قضية حقوق الإنسان، والإرهاب الدولي، وكيف ولم يتم صناعة الإرهاب، كما تحدث أيضاً عن الحرب على العراق وأفغانستان، وقارن بين سياسة كل من بوش وأوباما، وأخيراً انتقد السياسة الأمريكية التي وصفها بسياسة عدوانية هدفها استغلال الشعوب والتحكم في مصائرهم.
ومن هذه الآراء والقضايا المثيرة والمخالفة عما هو سائد، تأتي شهرة وأهمية الكتاب، بالإضافة إلى أسلوب تشومسكي في سرد القضايا ومقارنتها بأحداث تاريخية سبقتها.
“48 قانوناً للسلطة” .. قوانين جُمعت لتشكل علم السياسة والقوة