كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعظم الناس خُلقاً، وأجملهم خَلقاً، فلئن أُعطي يوسف عليه السلام شطر الجمال، فقد أُعطي محمد -صلى الله عليه وسلم- الجمال كلّه، وقد وردت الكثير من الآثار الصحيحة التي تبيّن جمال صورته، وحسنه، وتناسب أعضائه، ومنها ما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: (ما رأيتُ شيئًا أحسنَ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كأنَّ الشمسَ تجري في وجهِه)،[٥] وما رّوي عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنه قال: (ما رَأَيْتُ شيئًا قَطُّ أَحْسَنَ منه)،[٦] ومن أوصافه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان معتدل طول القامة، ليس بالطويل، ولا بالقصير، أبيض البشرة مشرباً بالحمرة، أزهر اللون، عريض المنكبين، مصداقاً لما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ ليسَ بالطَّوِيلِ ولَا بالقَصِيرِ، أزْهَرَ اللَّوْنِ ليسَ بأَبْيَضَ، أمْهَقَ ولَا آدَمَ، ليسَ بجَعْدٍ قَطَطٍ، ولَا سَبْطٍ رَجِلٍ)،[٧] وكان -عليه الصلاة والسلام- عريض الفم، طويل شق العين، مصداقاً لما رُوي عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ضَلِيعَ الفَمِ، أَشْكَلَ العَيْنِ، مَنْهُوسَ العَقِبَيْنِ).[٨][٩][١٠] Volume 0% وأما صفات النبي -عليه الصلاة والسلام- الخُلقية؛ فقد دلّ على عظمتها شهادة الله -تعالى- له في القرآن الكريم بعظم الأخلاق، حيث قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)،[١١] ووصفت أم المؤمنين عاشة -رضي الله عنها- أخلاقه عليه الصلاة والسلام، حيث قالت: (كان خُلُقُه القرآنُ)،[١٢] وفي الحقيقة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان مثالاً يُقتدى به في الأخلاق، فقد كان يبدأ الناس بالسلام في الطرقات، ويلقى أصحابه -رضي الله عنهم- بوجهٍ بشوشٍ ضاحكٍ، ويصغي لزوجاته ويسمع منهنّ، وكان أبعد الناس عن الكبر، يذهب إلى السوق ويحمل ما اشتراه بنفسه، ولسان حاله يقول أنا أحقّ بحملها، وإذا دعاه أحد المسلمين أجاب سواءً كان غنياً أم فقيراً، حرّاً أم عبداً، يمشي على الأرض هوناً خافض الطرف، ويأكل مع الخادم، ويكرم الضيف، ويقبل عذر المعتذر، ويغفر الزلّات، من رآه هابه، ومن عامله أحبّه.[١٣]