• ×
الأربعاء 4 ديسمبر 2024 | 05-28-2019

الاقتصاد الخليجي والتحديات

0
0
561
 يظل الاقتصاد الخليجي يواجه الكثير من التحديات نظراً الى انكشافه على اقتصادات النفط والطاقة ومتغيرات الاقتصاد العالمي. ولن تكون مسألة تراجع أسعار النفط القضية الوحيدة التي لا بد من التكيف مع استحقاقاتها، بل هناك قضايا أخرى تستحق الاهتمام. اذ برزت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة النفط الصخري وما تمثله من تنافسية مع النفط التقليدي الذي لا ينتج في منطقة الخليج.

فالنفط الصخري الذي كان قبل عقد سراباً غير ذات أهمية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والمصاعب التقنية والعقبات الأيكولوجية أو البيئية، بات الآن حاضراً بقوة وبتكاليف مقبولة وفي أوضاع تقنية ملائمة. لذلك فإن الولايات المتحدة التي كانت قبل سنوات قليلة تستورد ما يقارب 60 في المئة من حاجاتها من النفط الخام، تمكنت من خفض هذه النسبة وباتت تنتج نحو عشرة ملايين برميل يومياً بفضل إنتاج النفط الصخري.

خلال العام الماضي تمكنت شركات أميركية عدة من زيادة إنتاجها من النفط الصخري بشكل غير مسبوق. فهل يمكن أن تؤثر هذه المتغيرات في الإنتاج على الطلب المتعلق بنفوط «أوبك»؟ لاشك في أن المنظمة ستواجه على المدى القصير تحديداً للطلب وربما تعمل على إبقاء الخفض المتفق عليه لأمد أطول.

برزت في الآونة الأخيرة مسألة النفط والغاز في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وتواترت الأنباء عن نزاعات على مناطق بحرية بين قبرص وتركيا وبين لبنان وإسرائيل. وهناك دراسات تؤكد وجود حقول نفط وغاز في مناطق بحرية واسعة في شرق المتوسط قد تجعل من بلدان عدة منتجة للنفط بكميات تجارية. وقد أشارت دراسات أميركية الى أن هذه المناطق قد تحوي ما يعادل 3.4 تريليون برميل من الاحتياطات النفطية الطبيعية وما يربو على 345 تريليون قدم مكعبة من الغاز. هذه الثروات القيمة لابد أن تجذب مستثمرين ورجال أعمال وسياسيين، ومن المؤكد ان إنتاج النفط والغاز من هذه المناطق البحرية شرق المتوسط آتٍ لا محالة. لذلك فإن بلدان «أوبك»، وخصوصاً بلدان الخليج، لابد أن تتحوط لمنافسة هذه الإمدادات المتوقعة والقريبة من الأسواق المستهلكة في أوروبا. ولا يتوقع أن يرتفع الطلب على النفط في شكل كبير ليستوعب الإمدادات الكبيرة، لذلك فإن الضغوط على الأسعار سوف تستمر وربما لن يكون هناك مجال لارتفاع الأسعار بنسب ملائمة.

غني عن البيان أن التحولات التقنية ومنها التوسع في إنتاج السيارات الكهربائية، لابد أن يكون له أثر في الطلب على النفط وإن بعد حين. كما أن عزيمة الدول المستهلكة لتطوير بدائل الطاقة الصديقة للبيئة ستكون من التحديات التي تواجه صناعة النفط التقليدي. كما لابد من الإقرار بأن بلدان الخليج لم تتحوط في شكل كاف لمواجهة المتغيرات المحتملة في الاقتصاد العالمي وتأثيراتها في الطلب على النفط. وقد لا تكون المواجهة يسيرة إلا إنها لن تكون مستحيلة.

وهناك أهمية للإصلاح الهيكلي الذي تقاعس الكثير من بلدان المنطقة من اعتماده واتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية المناسبة التي تمكن من إنجازه. يضاف إلى ذلك أن هذه البلدان لم تعمل على تحقيق تنمية بشرية تعزز القدرات المهنية بما يمكّن من خلق المناخ الملائم لاقتصادات المعرفة والإبداع.

وهكذا يجب على الإدارت السياسية والاقتصادية في دول الخليج أن تعمل خلال السنوات المقبلة حتى عام 2030، على تطوير أنظمتها التعليمية ومراجعة المناهج الدراسية وأنظمة التعليم العام والعالي والمهني، وزيادة الاستثمار في مختلف مجالات التعليم والتدريب بحيث يمكن التعويل على مخرجات النظام التعليمي بعد حين لتكون المنتج الأساسي لثروات هذه البلدان.