• ×
الخميس 21 نوفمبر 2024 | 05-28-2019

لغز صالح جمعة

0
0
539
 هناك الملايين من محبي وعشاق النادي الأهلي، في مصر وإفريقيا والوطن العربي، لكن من بين هؤلاء شخص واحد فقط يستطيع تدريب هذا الكيان ويقوده للحصول على البطولات، شخص يمتلك القدرة على الانتقاء بأفضل شكل ممكن يتعايش مع اللاعبين لينتج أكبر عدد من القرارات الصحيحة التي تحافظ على نجاح القلعة الحمراء.

ظل صالح جمعة لغزا بالنسبة لجماهير كرة القدم منذ انضمامه للاهلي وتناوب المدربين على الفريق بداية من البرتغالي بيسيرو، فعبد العزيز عبد الشافي، ثم الهولندي مارتن يول، واخيرا حسام البدري، تبدلت الأسماء على منصب المدير الفني في الأهلي بقى صالح جمعة بعيدا عن الصورة تماما.

لجأ جمهور الأهلي دائما لمساندة لاعبهم المبدع صاحب اللمسات الرائعة، وبقى المدير الفني على موقفه ليبعده عن المشاركة ويبقى دائما بين مقاعد البدلاء أو كرسي المشاهد الذي لا يمتلك أي فرصة لصناعة الفرص في المباريات التي يخرج بها من القائمة تماما.

لكن حين يشارك صالح جمعة دائما يقدم "اللمسة" الممتعة ويضيف الكثير من الإبداع "الفردي" داخل الفريق، بين المراوغة والانطلاق بالكرة أحيانا، ومغازلتها في أحيان أخرى، ليظن "المشجع" أن الوقت قد حان ليشارك جمعة بشكل أكبر ويحصل على فرصة أفضل مع الفريق.

أحلام الجماهير تتبدد في الجولة التالية ويغيب صالح جمعة عن المباراة، وربما يصل الأمر لاستبعاده من القائمة، فما السبب؟ لماذا يمتع اللاعب جماهير فريقه ويغيب؟ لماذا صالح جمعة على وجه التحديد؟ لماذا يحصل هذا وذاك على فرصة الظهور إلا صالح جمعة يبقى بيعدا عن الصورة؟

سر غياب صالح جمعة دائما كان "اللمسة" والإبداع "الفردي" فهذا ليس النادي الأهلي الذي يمكن للاعب ان يبنى مجدا شخصيا بداخله من خلال لمحة فنية لم تصنع شيء، إذا كان للاعب أن ينجح ويحتفظ بنسر الأهلي على صدره دائما على مدار مسيرته الكروية فهناك هدف واحد يجب ان يسعى لتحقيقه.

المفتاح الذي سيمنح صالح جمعة النجاح داخل النادي الأهلي ويجعله أهلا برقم 22 الذي اختار أن يرتديه هو مدى نجاحه في اتخاذ القرار الصحيح، فعندما يراوغ يكون هذا هو القرار الصحيح وليس مجرد الرغبة في إظهار المهارة، وعندما يمرر يكون هذا هو القرار الصحيح، وعندما يسدد وعندما يلعب عرضية..إلخ

عندما انضم رونالدينيو إلى برشلونة كان الساحر البرازيلي الذي يفعل بكرة القدم ما نعجز عن تخيله لكن مع الوقت أهدر الكثير من إبداعه بالسلوك ليس مثاليا فرحل عن كتالونيا وعمره 28 عاما فقط، فهل لك أن تستوعب أن هذا المبدع لعب في برشلونة 5 سنوات فقط؟ ثم رحل عنه لميلان الإيطالي ثم رحلته اللاتينية التي لم تخل من الحياة غير الإحترافية.

وفي نفس المكان وبنفس القميص هناك ليونيل ميسي، فهو لا يمتلك بنيان قوي ولا يستطيع أن يتلاعب بالكرة بنفس إبداع رونالدينيو، لكنه كالرسام الساحر الذي يكرر لوحته كل يوم فيبهرك بها، تتخيل دائما أن هناك شيء جديد وتذهب إلى هذا البرغوث وتتمنى لو ان الكرة التي مرت بين قدم المدافع كانت بين قدميك، أو انك ذلك الحارس الذي وقف أمام تسديدته موقف صامت عاجز عن التعبير.

صالح جمعة سيتذكره الجمهور كلاعب مبدع وصاحب مهارة رائعة بكل تأكيد لكن ليس هذا هو السؤال الجدلي الذي نبحث عن اجابة له، السؤال هو إلى متى سيبقى في ذاكرة الجماهير؟ وهل يستطيع في كل مرة أن يظهر بنفس مستواه أمام سموحة أما لا؟

في نهاية سأذكر جملتين هما الأهم من وجهة نظري بين تصريحات حسام البدري في تاريخه التدريبي وأتمنى أن يضعهما صالح جمعة في ذهنه دائما، الأولى كانت في ظهور تلفزيوني منذ عدة سنوات حين قال :"كرة القدم متاحة للاعب حتى سن معين بعدها لا يمكن أن يستمتع بها، لكن كل المتع الأخرى التي ينشغل بها عن الكرة حاليا ستكون متاحة له طوال العمر."

الجملة الثانية قالها حسام البدري فيما يتعلق بتألق صالح جمعة تحديدا بمباراة سموحة، حين قال :"لازم تضحي بحاجات كتير علشان تفضل ناجح في كرة القدم."