قلنا: من أنت؟
قال:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبـي
وأسـمعت كلماتي من به صممُ
الخيل والليل والبيـداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ
قلنا : أما ترى السفهاء، ينالون العظماء.
قال:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل
*
قلنا: نراك تعبت في طلبك للمجد .
قال:
جزى الله المسير إليك خيراً
وإن ترك المطايا كالمـزاد
قلنا: أما ترى أن المجد يتعب؟
قال:
لولا المشقة سادَ الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال
قلنا: نرى السلف يتأثرون عند سماع القرآن ونحن لا نتأثر؟
قال:
لا تعذل المشتاق في أشواقه
حتى يكون حشاك في أحشائه
قلنا: نرى المنافق أحياناً يبكي؟
قال:
إذا اشتبكت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى
قلنا: نرى واحداً من الناس يعادل أمة في الفضل؟
قال:
وإن تَفُقِ الأنام وأنت منهم
فإن المسك بعض دم الغزال
قلنا: نرى لك حسّاداً كثيرين؟
قال:
أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني
فلا أعاتبه صفحاً وإهوانا
قلنا: بعض الناس غلب عليه سوء الظن؟
قال:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدق ما يعتاده من توهم
قلنا: القوميّون العرب يهددون إسرائيل من خمسين سنة؟
قال:
وإذا مـا خـلا الجـبــان بأرض
طلـب الطعـن وحـده والنـزالا
قلنا: نعرف أغنياء ألسنتهم سخيّة وأيديهم بخيلة.
قال:
جود الرجال من الأيدي وجودهم
من اللسـان فلا كانـوا ولا الجودُ
قلنا: من يتأمل الشريعة يملكه حبها.
قال:
وما كنت ممن يملك الحبُّ قلبَه
ولكن من ينظر عيونك يعشق
قلنا: نسمع لأعداء الإسلام شبهات يثيرونها عنه؟
قال:
ولله سِرٌّ في علاك وإنما
كلام الورى ضرب من الهذيان
قلنا: ما رأيكم في الدنيا؟
قال:
لحا الله ذي الدنيا مناخاً لراكب
فكل بعيد الهم فيها معذب
قلنا: والمال؟
قال:
إذا المال لم يرزق خلاصاً من الأذى
فلا الحمد مكسوباً ولا المال باقيا
قلنا: بعضهم يستطيع أن يكون أفضل فلا يفعل؟
قال:
ولم أر في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمامِ
قلنا: عرفنا من تمنى الموت لسوء حاله.
قال:
كفا بك داءً أن ترى الموت شافياً
وحسب المنايا أن يكن أمانيا
قلنا: بعضهم لا يتأثر بالنقد.
قال:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميّت إيلام
قلنا: نحن نردد اسم الرسول r ولو قصرنا في العمل بسنته.
فقال:
نحن أدرى وقد سألنا بنجد
أطويل طريقنا أم يطولُ
وكثير من السؤال اشتياق
وكثير من ردِّه تعليلُ
قلنا: بُلينا بمثقفين عندهم ألقاب بلا حقيقة.
قال:
أُعيذها نظراتٍ منك صادقةً
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
قلنا: أظنه لابد من مجاملة بعض الناس في هذه الحياة.
قال:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى
عـدوّاً له ما من صـداقتـه بُدُّ
قلنا: كان للعلماء قدر عند الناس واليوم جُهِل قدرهم .
قال:
أتى الزمانَ بنوه في شبيبته
فسره وأتيناهُ على هرم
قلنا: نرى العظماء لا يبالون بالمصاعب.
قال:
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا
فأهـون ما يمر به الوحولُ
قلنا: بعض الناس يستفيد من نكبات الآخرين.
قال:
كذا قضت الأيـام ما بين أهلهـا
مصائب قوم عند قوم فوائد
قلنا: ما رأيك في الزمان.
قال:
ربما تحسن الصنيع لياليـ
ـه ولكن تكدر الإحسانا
قلنا: والمـوت.
قال:
الموت آتٍ والنفوس نفائس
والمستعز بما لديه الأحمق
قلنا: الذين ينكرون الحقائق.
قال:
وكيف يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
قلنا: ومن خير جليس؟
قال:
أعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الأنام كتابُ
قلنا: هل الرأي أفضل أو الشجاعة؟
قال:
الرأي قبل شجاعة الشجعان
هو أولٌ وهي المحل الثاني
قلنا: ما أحسن وسيلة لقضاء الحاجات؟
قال:
من اقتضى بسوى الهندي حاجتَه
أجاب كل سؤالٍ عن هلٍ بلمِ
قلنا: أراك تجامل الناس.
قال:
ولما صار ود الناس خبا
جزيت على ابتسام بابتسامِ
قلنا: وكيف حالك الآن؟
قال:
وحيد من الخلان في كل بلدة
إذا عظم المطلوب قل المسـاعـد
قلنا: نراك تسرف في المديح أحياناً.
قال:
وقد أطال ثنائي طول لابسه
إن الثناء على التِّنبال تنبالُ
قلنا: نراك أحياناً لا تصل لمقصودك.
قال:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفنُ
قلنا: متى تزور أحبابك؟
قال:
أزورهم وظلام الليل يشفع لي
وأنثني وبياض الصبح يغري بي
قلنا: ما رأيك في شعرك؟
قال:
وما الدهـر إلا من رواةِ قصائـدي
إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا
قلنا: ما رأيك في اللئام؟
قال:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
قلنا: ما رأيك في الناس؟
قال:
إنا لفي زمن ترك القبيح به
من أكثر الناس إحسانٌ وإجمالُ
قلنا: نراك تحسن القول ولا تعطي شيئاً.
قال:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق إن لم تسعد الحالُ
قلنا: بعضهم يسهر على اللهو وبعضهم على العبادة.
قال:
ما الذي عنده تدار المنايا
كالـذي عنده تدار الشمولُ
قلنا: ما رأيك في أهل العشق؟
قال:
تفنى نفوسهم شوقاً وأدمعهم
في إِثر كل قبيح وجهه حسنُ
قلنا: ماذا تقول في مقام الرسول r ؟
قال:
إذا تغلغل فكر المرء في طرف
من مجده غرقت فيه خواطره
قلنا: لماذا عاداك حسادك؟
قال:
أعادي على ما يوجب الحب للفتى
وأهدأ والأفكار فيّ تجولُ
قلنا: يسيء لنا بعض الناس فنستفيد من إساءتهم؟
قال:
رب أمر أتاك لا تحمد الفُعَّا
ل فيه وتحمد الأفعالا
قلنا: بعض العداوة نافعة.
قال:
ومن العداوة ما ينالك نفعه
ومن الصداقة ما يضر ويؤلمُ
قلنا: بماذا عاقبت حسادك؟
قال:
إني وإن لُمت حسّادي فما
أنكر أني عقوبة لهمُ
قلنا: ما أحسن الحلل الملبوسة؟
قال:
ورفلت في حلل الثناء وإنما
عدم الثناء نهاية الإعدامِ
قلنا: ما أحسن ما خلّف الإنسان بعد موته؟
قال:
كفل الثناء له برد حياته
لما انطوى فكأنه منشورُ
قلنا: بعضهم يكثر من الحلف؟
قال:
وفي اليمين على ما أنت واعده
ما دل أنك في الميعاد متهمُ
قلنا: من أحق الناس بالمجد؟
قال:
أحقهم بالمجد من ضرب الطلى
وبالأمـر من هانت عليه الشدائد
قلنا: ما الأمن والخوف؟
قال:
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى
وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
قلنا: نحن بين خوف ورجاء.
قال:
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه
وفي الهجر فهو الدهـر يرجو ويتقي
قلنا: بلينا والدهر ما بَلي.
قال:
إذا ما لبست الدهـر مسـتمتعاً به
تخرقت والملبوس لم يتخرقِ
قلنا: نحن نحاول كتم مشاعرنا فما نستطيع.
قال:
بادٍ هواك صبرت أم لم تصبرا
وبكاك إذ لم يجر دمعك أو جرى
قلنا: بعضهم يضع من علماء الإسلام.
قال:
من كان فوق محل الشمس موضعه
فليس يرفعه شيء ولا يضعُ
قلنا: ما وصف من أراد العلياء؟
قال:
كثير سهاد العين من غير علة
يؤرقه فيما يشرفه الفكر
قلنا: تزداد همتنا عند قراءة سير السلف؟
قال:
فلا تسمعاه ذا المديح فإنه
شجاع متى يذكر له الطعن يشتق
قلنا: أظنه لا يُهرب من المـوت؟
قال:
نعد المشرفية والعوالي
وتقتلنا المنون بلا قتالِ
قلنا: بعضهم لا يرضى إلا بالمحل العالي.
قال:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم