شنيع للغاية هذا الذي جرى في مدينة غزة.. لا أعني العدوان الإسرائيلي السافر المنفلت من العقال فقط.. أعني هنا على وجه التحديد ما فعلته (حماس) بأكثر من عشرين ممن اتهمتهم بانهم عملاء لإسرائيل.. وما فعلته كان شنيعاً للغاية كالعدوان الإسرائيلي.
لا شكّ عندي في ان (حماس) وسائر المنظمات (الجهادية) التي انقلبت على السلطة الفلسطينية واختطفت قطاع غزة وارتهنت سكانه، هي التي من حين الى آخر تستثير الوحش الاسرائيلي. وبعد طول انكار اعترف أحد القادة (الجهاديين) أمام مؤتمر في اسطنبول منذ أيام بان منظمته هي التي اختطفت الشبان الإسرائيليين الثلاثة، وهو الحادث الذي تذرّعت به المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لتسويغ عدوانها الرهيب الأخير.
الخميس الماضي أعلنت (حماس) ان ثلاثة من قادتها العسكريين الكبار في كتائب عز الدين القسام قد قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية استهدفت المنزل الذي كانوا يختبئون فيه بمدينة رفح جنوبي القطاع. وبعد ساعات بثّ عدد من الفضائيات شريطاً عن إقدام (حماس) على إعدام 21 فلسطينياً قالت انهم عملاء لإسرائيل، كانوا يقدمون لها معلومات ما ساعدها في تنفيذ غاراتها واصابة اهدافها. المنظمة افادت أيضاً بان عملية الاعدام تمّت بعد محاكمة. بالطبع لا يمكن الوثوق بسلامة إجراءات المحاكمة التي من الواضح انها جرت بسرعة ولم يتمكن المتهمون خلالها من الدفاع عن أنفسهم وفقاً للأصول المرعية وبينها توكيل محامين.
بين الفلسطينيين عملاء لإسرائيل.. هذا أمر معروف منذ زمن بعيد .. وربما نجد في ظروف محددة بعض العذر للحكم بالإعدام على البعض منهم، لكن كيف لأحد أن يقبل بأن يجري سحل جثث المعدومين في الشوارع؟
هذه ممارسة متوحشة وشنيعة ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبريرها وتسويغها مهما كان رفيعاً مستوى القدسية للقضية التي جرت باسمها.
حتى الآن، أشنع أعمال القتل والتعذيب والتنكيل وانتهاك الكرامة الانسانية هو ما يقوم به تنظيم (داعش) في العراق، وقبلاً في سورية (قبل داعش كانت الانظمة الشمولية كنظام صدام ونظام الاسد ونظام القذافي بارعة في هذه الممارسات)، لكن ما فعلته (حماس) في غزة أخيراً في حق من اتهمتهم بالتجسس لاسرائيل ينحدر الى المستوى نفسه من ممارسات (داعش) والانظمة المقبورة أو التي في سبيلها الى أن تُقبر.
القضية الفلسطينية مقدسة.. نعم. هي مقدسة لأنها قضية بشر لهم الحق المقدس في العيش في وطنهم بحرية وسلام وكرامة.. أفعال (حماس) وأخواتها، من استهداف المدنيين الإسرائيليين الى سحل جثث الفلسطينيين المعدومين بتهمة التجسس لإسرائيل، تنال من قدسية القضية الفلسطينية وتؤذي النضال المديد المجيد للشعب الفلسطيني من أجل انتزاع حقوقه وتحقيق كرامته.
نقلاً عن "المدى"