في إنجلترا، مهد كرة القدم الأول كما يقولون عن أنفسهم وإن اختلف المختلفون، وفي ستينيات القرن، تراجعت نتائج ليفربول العريق صاحب الرقم القياسي بين الإنجليز في حيازة دوري الأبطال، فلم يهجر أنصاره مدرجات فريقهم وظلوا على العشق باقين وخلف الفريق وآلامه صابرين. ابتكروا طريقة رائعة لشحذ همم جنود الريدز، حين بدأوا في إحدى المباريات بصوت مجلجل آسر، إنشاد أغنية رودجرز وهامرشتاين "لن تسير لوحدك أبدا" التي صدرت في مسرحيتهما الغنائية عام 1946، وجذبت الناس لرقة كلماتها وعمق معانيها. كانت كلمات الأغنية منتشرة في أوساط العشاق وأهل الغرام، وغناها لويس أرمسترونج وسيناترا الشهيران ولحق بهما آخرون.
استمر عشاق الأحمر الجامح في استجلاب الأغنية وترديدها عند النوازل، حتى تحولت إلى نشيد رسمي للنادي عندما اصطف عشاق الريدز العريق جنبا إلى جنب في مباراة الفريق عام 1989 ضد نوتنجهام فوريست، بُعيد وفاة عدد من مشجعي الفريق بسبب الازدحام، وضعوا أيديهم على أكتاف بعضهم في تلاحم حقيقي خلف فريقهم ثم بدأوا يرددون بصوت يتسلل إلى الأعماق:
عندما تسير عبر العاصفة أبقِ رأسك مرفوعا
ولا تخش الظلام
عند نهاية العاصفة توجد سماء ذهبية
وغناء اللارك الفضي الحلو
سر عبر الرياح
سر عبر المطر
حتى ولو قُذفت أحلامك وطارت
سر، سر والأمل في قلبك
ولن تسير لوحدك أبدا
لن تسير لوحدك أبدا
سر، سر والأمل في قلبك
ولن تسير لوحدك أبدا
لن تسير لوحدك أبدا..
يقول أسطورة ليفربول جيرارد: يتملكني شعور غريب عندما ترددها جماهيرنا، أريد أن أفعل كل شيء من أجلهم في تلك اللحظة.
جمهور كرة القدم يمكن أن يفعل الكثير لفريقه، وأن يمده بالطاقات الإيجابية، وليس ما فعله النصراويون في الموسم الماضي ببعيد عن الذاكرة، لم يقرعوا فريقهم، ولم ينثروا الملح على جروح السنين الصدئة، بل قادوه بأنفسهم إلى المنصات، حين أطلقوا شعارهم الذي لا ينساه التاريخ: "متصدر لا تكلمني"، وهم الذين كانوا من قبل ينتحبون وحين غيروا ما بأنفسهم تغير فريقهم أيضا.
مع بداية الموسم، ساءتني العبارات السلبية والبكائيات التي يكتبها الأهلاويون في مدرجات فريقهم، ويوجهونها إلى لاعبي فريقهم، ويلطمون ويتأوهون على سنوات الغياب والجدب، ويبثون شحنات سلبية تعزز الانهزامية في لاعبيهم، ولن تكون نتيجة ما يفعلون إلا مزيدا من الهجر والصيام عن لقب الدوري.
يا أنصار الأهلي، توقفوا.. توقفوا عن رفع هذه اللافتات المخيبة، توقفوا عن البكائيات، وشاركوا في العمل بإيجابية، يا جمهور القلعة، "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
*نقلاً الإقتصادية السعودية