•• كأس العالم عادت إلى وطن كرة القدم الممتعة. عادت إلى البرازيل وربما تخلت قليلا عن جمال الأداء، منذ عام 1994 حين كان دونجا قائدا للوسط وحكمدارا للفريق. فهل تعود الكرة الجميلة إلى منتخب السامبا؟
أكثر فريق يواجه الضغوط فى المونديال القادم هو منتخب البرازيل. هذا الفريق سيلعب على جمر ملتهب فى كل مباراة. إنه يخاف من هذا الشبح الذى يسكن استاد ماراكانا منذ عام 1950. يخاف من شبح جيجيا الذى سجل هدف الفوز لمنتخب أوروجواى. ليبكى قرابة 200 ألف مشاهد احتشدت بهم مدرجات استاد ماراكانا العظيم، وهى الهزيمة التى تركت فى نفوس البرازيليين عقدة تسمى «الماراكانازو»..
•• عندما أعطى الحكم جورج ويدر الانجليزى إشارة البداية، لم يتصور إنسان فى استاد ماراكانا إنها إشارة نهاية آمال دولة عشقت الكرة، وتكاد تتنفسها.. هل يمكن أن يعيد التاريخ نفسه؟ يقول البرازيليون: «نحن لانخشى فى هذه البطولة سوى منتخب أوروجواى».. مع أنه يلعب فى المجموعة الرابعة والبرازيل فى المجموعة الأولى..
•• يخشى البرازيليون أيضا موجات الاحتجاج على تنظيم المونديال وانطلاق تظاهرات مثل تلك التى اندلعت فى مباريات كأس القارات التى أحرزتها البرازيل. وكانت بسبب ارتفاع تكلفة تنظيم البطولة، وتوجيه أموال البناء والتنمية ودعم الفقراء إلى كرة القدم، حتى لو كانت فى وطن اللعبة.. وهذه الاحتجاجات ليست جديدة، فعندما فازت البرازيل قبل سنوات بشرف تنظيم مونديال 2014 كان هناك من يعارضون البطولة ويحذرون من استضافة هذا الحدث الباهظ التكاليف «الذى اعتبر تضحية بالناس» .. وعلى الرغم من اقتراب موعد انطلاق المونديال فى 12 يونيو تبدو مظاهر الاحتفال بالحدث غير كاملة. البهجة غير مكتملة. لاتنتشر الأعلام والبوسترات بالشكل الكافى. ربما لأن الاستعدادات الإنشائية متأخرة وهناك أعمال تجرى على قدم وساق.
•• بجانب شبح اوروجواى، وشبح الاحتجاجات، هناك شبح عدم الفوز بالكأس عموما. فعندما خسرت البرازيل كأس العالم 2006 بألمانيا اضطر المنتخب العائد إلى ريودى جانيرو الخروج من الأبواب الخلفية لعدم مواجهة الجماهير الغاضبة. هرب الجهاز واللاعبون وهم يسمعون صيحات الغضب : جبناء. مرتزقة. خونة. ضعفاء..
•• تعتبر البرازيل سلالة رياضية كروية من المستحيل أن يشعر أحد نحوها بالكراهية. فتقاليدها لكرة القدم لا تنافس لدرجة كبيرة فرقًا أخرى موجودة مثل فرقة باليه البولشوى على مستوى مختلف. فقد ظل منتخب البرازيل سليساو مهيمنًا، لدرجة إنه إما أن يكون منتصرًا، أو حائزًا لانتصارات أخلاقية. وظل أداء البرازيل فى مسابقات كأس العالم متسقًا مع ذلك، حتى أنه يرقى إلى مصاف أن يكون طريقة لرواية تاريخ البطولة نفسها. ومع ذلك، فبالنسبة لأنصار الفريق، لا يعتبر الفوز كافيًا.. فلابد أن ينتزع الأداء الآهات ويرضى القلوب.. وعندما تخسر البرازيل، تنكس الأعلام، وتكثر حالات الانتحار، وتعقد جلسات التحقيق الحكومية أو كما يقال عندنا ( تعقد لجنة الشباب والرياضة اجتماعا لمناقشة أسباب هزيمة المنتخب، واللجنة لاتعلن عن نفسها إلا فى تلك الحالات)..
•• على أى حال.. إذا كانت مباريات وبطولات كرة القدم تمضى بالعدل غالبا، وتسير بالمنطق، ولو كانت علما مثل الكيمياء أو الحساب فإننى أرشح منتخب البرازيل دائما للفوز.. لكن لسوء الحظ كرة القدم ليست كذلك؟
* نقلا عن جريدة الشروق المصرية